يتجلى الذكاء الاصطناعي للكشف عن الاحتيال كحليف استراتيجي، حيث يوفر قدرات ديناميكية للتصدي لتقنيات الاحتيال المتجددة، كما يعتبر اكتشاف الاحتيال باستخدام التعلم الآلي أداة قوية تقدم إمكانات متقدمة لتحديد الأنشطة الاحتيالية ومكافحتها. يقدّم هذا المقال شرحا عن ماهية التعلم الآلي (ML) والذكاء الاصطناعي (AI)، وتستعرض كيف يمكن لهذه التقنيات أن تفيد المؤسسات المالية في اكتشاف الاحتيال ومنعه.
يشير الذكاء الاصطناعي إلى تطوير أنظمة الكمبيوتر القادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري، وتشمل هذه المهام التعلم من التجارب، وفهم اللغة الطبيعية، والتعرف على الأنماط، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات. كما يهدف الذكاء الاصطناعي إلى إنشاء آلات تستطيع محاكاة الذكاء البشري وأداء المهام بشكل مستقل. إضافة إلى ذلك، يلعب اكتشاف الاحتيال باستخدام الذكاء الاصطناعي دورًا مهما في تأمين الأنظمة ضد الأنشطة الاحتيالية.
التعلم الآلي هو فرع من فروع الذكاء الاصطناعي (AI) يركز على تطوير الخوارزميات والنماذج التي تمكّن أجهزة الكمبيوتر من التعلم من البيانات، كما يسمح التعلم الآلي للأنظمة بتحديد الأنماط، وإجراء التنبؤات، وتحسين أدائها مع مرور الوقت من خلال التجربة، دون الحاجة إلى برمجة صريحة.
يُعد اكتشاف الاحتيال باستخدام التعلم الآلي فعّالاً بشكل خاص بفضل قدرته على التكيف والتطور بناءً على البيانات الجديدة، الأمر الذي يعزز من قدرة الأنظمة على التعرف على الأنماط الاحتيالية والاستجابة لها بكفاءة. وتشمل الأنواع الثلاثة الرئيسية للتعلم الآلي: التعلم الخاضع للإشراف، التعلم غير الخاضع للإشراف، والتعلم الآلي المعزز.
تقوم المؤسسات المالية بدمج التعلم الآلي (ML) والذكاء الاصطناعي (AI) في أنظمتها لتعزيز دقة وكفاءة كشف الاحتيال، فوفقًا لدراسة أجريت في جامعة جاكرتا، أظهرت خوارزميات التعلم الآلي فعالية مذهلة بنسبة 96% في تقليل الاحتيال في مؤسسات التجارة الإلكترونية.
تعتمد خوارزميات التعلم الآلي على تحليل مجموعات ضخمة من البيانات، مما يتيح التعرف على الأنماط والحالات الشاذة التي قد تشير إلى أنشطة احتيالية. يتميز الذكاء الاصطناعي، وخاصة في شكله المتقدم مثل التعلم العميق، بقدرته على اكتشاف أنماط الاحتيال المعقدة والمتطورة، كما تتيح هذه التقنيات المراقبة في الوقت الفعلي، والتكيف مع التهديدات الجديدة، والوقاية الاستباقية، مما يعد أساسيًا لحماية المعاملات المالية من الأنشطة الاحتيالية المتغيرة والمتطورة.
يمكن للمؤسسات المالية استخدام تقنيات التعلم الآلي للكشف عن الاحتيال المتقدم ومنعه في مختلف السيناريوهات،وفيما يلي عشرة من أبرز حالات الاستخدام حيث تستفيد المؤسسات المالية من التعلم الآلي للكشف عن الاحتيال:
تقوم خوارزميات التعلم الآلي بتحليل بيانات المعاملات، مع مراعاة عوامل مثل الوقت، والموقع، وأنماط الإنفاق. يساعد هذا التحليل في تحديد الحالات الشاذة في الوقت الفعلي، حيث يمكن للأنشطة غير المعتادة، مثل المعاملات من مواقع بعيدة أو المعاملات الكبيرة التي تنحرف عن النمط المعتاد، أن تؤدي إلى تنبيهات بشأن عمليات احتيال محتملة على بطاقات الائتمان.
تستطيع نماذج التعلم الآلي مراقبة معاملات أجهزة الصراف الآلي وأنشطة نقاط البيع، حيث يمكنها اكتشاف المخالفات مثل عمليات السحب النقدي المتعددة في وقت قصير أو المعاملات التي تخرج عن نطاق السلوك المعتاد للعميل، مما يشير إلى أنشطة احتيالية محتملة.
يساهم التعلم الآلي في التحقق القوي من الهوية من خلال تحليل نقاط بيانات متعددة، بما في ذلك المعلومات البيومترية، وتاريخ المعاملات، وسلوك المستخدم، مما يضمن وصول الأفراد المصرح لهم فقط إلى الخدمات المالية ويمنع سرقة الهوية.
تقوم خوارزميات التعلم الآلي بتقييم طلبات القروض عبر تحليل العديد من العوامل مثل التاريخ الائتماني، والدخل، وتفاصيل الطلب، مما يساعد في تحديد طلبات القروض الاحتيالية أو حالات سرقة الهوية.
يعد التعلم الآلي مفيدًا في مراقبة التحويلات البنكية والمعاملات، حيث يحدد الأنماط غير العادية ويبلغ عن الحالات المحتملة لغسل الأموال أو تحويلات الأموال الاحتيالية.
تحلل نماذج التعلم الآلي سلوك تسجيل دخول المستخدم بشكل مستمر، وتكشف عن الحالات الشاذة مثل محاولات تسجيل الدخول الفاشلة المتعددة، أو الوصول من أجهزة غير مألوفة، أو نشاط الحساب غير المعتاد، مما يساعد في إحباط عمليات الاستيلاء على الحساب.
يساعد التعلم الآلي في اكتشاف الاحتيال الداخلي عبر تحليل سلوك الموظفين، وتحديد الأنماط غير العادية في الوصول إلى المعلومات الحساسة أو المعاملات التي تنحرف عن نشاط الموظف العادي.
تعمل أدوات التعلم الآلي على تبسيط عمليات الإبلاغ عن الاحتيال والتحقيق فيه من خلال أتمتة تحليل مجموعات البيانات الضخمة، مما يساعد المحققين على التركيز على الحالات ذات الأولوية العالية وتقليل أوقات الاستجابة.
يستطيع التعلم الآلي تحليل اتصالات العملاء، مثل رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، لاكتشاف محاولات التصيد الاحتيالي أو الطلبات الاحتيالية أو أشكال أخرى من الهندسة الاجتماعية التي تستهدف العملاء.
يساعد التعلم الآلي المؤسسات المالية في الحفاظ على الامتثال التنظيمي عبر أتمتة مراقبة المعاملات المالية، وتحديد الأنشطة المشبوهة، وإنشاء التقارير المطلوبة للإبلاغ عن الامتثال.
تعتمد منصة فوكال على تقنيات حديثة بدلاً من الأساليب اليدوية والتقليدية، حيث تستخدم المنصة تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من مصادر متنوعة، والتعرف على الأنماط والسلوكيات المشبوهة التي قد تشير إلى أنشطة احتيالية. بفضل قدرتها على التعلم والتكيف المستمر، تبقى فوكال متقدمة بخطوة على المحتالين من خلال اكتشاف اتجاهات الاحتيال الناشئة، كما تسهم فوكال في تقليل النتائج الإيجابية الكاذبة بشكل كبير، مما يخفف من تكاليف التحقيق ويقلل من التأثيرات المحتملة على علاقات العملاء.
وأخيرا، ففي بيئة تتطلب القدرة على التكيف السريع، يُعد دمج الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في استراتيجيات رصد الاحتيال ومكافحته خطوة استباقية لا غنى عنها في مساعدة وتمكين الشركات والمؤسسات المالية.