يُعتبر غسيل الأموال، الذي يعني إخفاء مصدر الأموال التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة، مشكلة تهدد استقرار الأنظمة المالية في مختلف أنحاء العالم. ومثلما فعلت العديد من الدول الأخرى، اتخذت مصر تدابير قوية لمكافحة هذه الظاهرة، حيث تعتبر مكافحة غسيل الأموال في مصر أمرًا ضروريا للحفاظ على نزاهة النظام المالي، حيث صُممت القوانين الخاصة بهذا المجال للكشف عن الجرائم المالية والحد منها. بعبارة أخرى، فإن الالتزام بقوانين مكافحة غسيل الأموال في مصر يضمن تحقيق الاستقرار والشفافية في القطاع المالي.
يستعرض هذا الدليل كيفية تعامل مصر مع مسألة مكافحة غسيل الأموال (AML)، مع التركيز على القوانين المعمول بها، والهيئات المسؤولة، والقواعد الأساسية الواجب اتباعها.
يشكل القانون رقم 80 لسنة 2002 القانون الرئيسي لمكافحة غسيل الأموال في مصر، حيث صُمم لضمان توافق نظام مكافحة غسيل الأموال في البلاد مع المعايير العالمية التي وضعتها الجهات الدولية مثل مجموعة العمل المالي (FATF).
ينص هذا القانون على ضرورة أن تتخذ جميع المؤسسات المالية تدابير صارمة لمكافحة غسيل الأموال. وفقًا للقانون المصري، يتعين على البنوك والمؤسسات المالية اتباع إجراءات دقيقة للتحقق من هويات عملائها، وهي عملية تُعرف بالعناية الواجبة للعملاء (CDD)، إذ تشمل هذه الإجراءات التأكد من هوية العملاء، متابعة معاملاتهم، والإبلاغ إلى وحدة الاستخبارات المالية (FIU) إذا ظهرت أي نشاطات مشبوهة. في حال تقاعست المؤسسات عن اتباع هذه الإجراءات أو لم تبلغ عن أي نشاط مريب، فقد تواجه غرامات مالية كبيرة أو حتى عقوبات بالسجن.
علاوة على ذلك، يحظر قانون مكافحة غسيل الأموال في مصر على البنوك والمؤسسات المالية فتح حسابات أو قبول أموال أو ودائع أو أصول إذا كان مصدرها غير معروف أو إذا كان الاسم المقدم مزيفًا أو غير صحيح. كما يُحظر مشاركة أي نتائج تحقيقات أو فحوصات مع العميل أو المستفيد أو أي جهات غير مختصة بتنفيذ هذا القانون.
قانون رقم 8 لسنة 2015 هو تحديث للقانون الأصلي لعام 2002، وقد عزز من تدابير مكافحة غسيل الأموال وأدخل متطلبات إضافية، إذ وسع هذا القانون تعريف تمويل الإرهاب وفرض التزامات إبلاغ أكثر صرامة.
بالإضافة إلى قانون مكافحة غسيل الأموال، قامت مصر بوضع مجموعة من القواعد الأخرى لتعزيز جهودها في هذا المجال، وقد أصدر البنك المركزي المصري (CBE) العديد من الإشعارات والإرشادات لمساعدة البنوك والمؤسسات المالية على فهم كيفية الالتزام بتلك القواعد.
في مصر، تتولى عدة جهات مسؤولة التأكد من الالتزام بقواعد مكافحة غسيل الأموال، وهي:
ومن الجدير بالذكر أنه اعتبارًا من 27 أكتوبر 2023، لم تكن مصر مدرجة في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF)، التي تضم البلدان والمناطق ذات المخاطر العالية.
يتناول قانون مكافحة غسيل الأموال في مصر، وبخاصة القانون رقم 8 لسنة 2015 وتعديلاته، عدة جوانب رئيسية، وهي كما يلي:
تواجه جهود مكافحة غسيل الأموال في مصر عدة تحديات بارزة، ويُعزى جزء كبير من الصعوبات إلى الحجم الكبير للاقتصاد غير الرسمي والمعتمد على النقد، مما يصعّب عملية تتبع المعاملات المالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي حالة عدم الاستقرار الاقتصادي إلى خلق بيئات تسهل انتشار غسيل الأموال.
على الرغم من هذه التحديات، فإن مستقبل مكافحة غسيل الأموال في مصر يبقى واعدًا، حيث تضمن التحديثات المستمرة لقوانين مكافحة غسيل الأموال فعالية الإجراءات المتبعة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد على التقنيات المتطورة وتعزيز التعاون الدولي سيسهم بشكل كبير في تعزيز جهود مكافحة غسيل الأموال في البلاد.
يعَدّ الامتثال لقوانين مكافحة غسيل الأموال في مصر أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على استقرار النظام المالي، ويتطلب الالتزام بهذه القوانين جهدًا دقيقًا، إلا أنه ضروري لضمان الصحة الاقتصادية للبلاد ومستقبلها. من خلال التزام البنوك والمؤسسات المالية بهذه القواعد، فإنها تساهم في تعزيز أمان وشفافية النظام المالي.