إجراءات العناية الواجبة المؤتمتة بالذكاء الاصطناعي: تعزيز الكفاءة والدقة

في دراسة حالة لإحدى شركات التكنولوجيا المالية السعودية، أدى استخدام العمليات المؤتمتة بالذكاء الاصطناعي لإجراء العناية الواجبة إلى توفير 14,450 ساعة من الفحوصات اليدوية، لكن ما هو الفرق بين عمليات العناية الواجبة التقليدية وتلك المؤتمتة بالذكاء الاصطناعي؟ 

عمليات العناية الواجبة التقليدية

تعد إجراءات العناية الواجبة تجاه العملاء (CDD) والعناية الواجبة المعززة (EDD) جزءًا أساسيًا من كيفية التزام البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بقواعد مكافحة غسيل الأموال (AML) ومكافحة تمويل الإرهاب (CTF)، حيث تساعد هذه العمليات في التأكد من هوية العملاء، بالإضافة إلى تحديد مستوى المخاطر لكل عميل ومراقبة أنشطتهم للكشف عن أي سلوك مشبوه.

العناية الواجبة التقليدية تجاه العملاء (CDD)

1. تحديد هوية العميل والتحقق منها

تبدأ العملية بجمع موظف البنك للتفاصيل الأساسية من العميل، مثل الاسم الكامل، العنوان، تاريخ الميلاد، ورقم التحقق من الهوية. بعد جمع هذه المعلومات، يقوم الموظف بالتحقق من صحتها من خلال مستندات رسمية مثل بطاقات الهوية الحكومية، فواتير الخدمات، وبيانات الحساب البنكي.

2. تقييم المخاطر

يتضمن الملف الشخصي للعميل معلومات شاملة حول نوع عمله، موقعه أو ولايته القضائية، وعادات معاملاته، إذ يستخدم البنك هذه المعلومات لتحديد مستوى المخاطر المرتبطة بالعميل، والذي يمكن أن يكون منخفضًا، متوسطًا، أو مرتفعًا.

3. المراقبة المستمرة

بعد أن يصبح العميل جزءًا من البنك، يتحمل البنك مسؤولية متابعة معاملاته بشكل دوري للكشف عن أي نشاط غير عادي أو مشبوه. يمكن أن تتغير المخاطر المرتبطة بالعميل بمرور الوقت، على سبيل المثال، إذا حصل العميل ذو المخاطر المنخفضة على وظيفة جديدة مؤثرة، فقد يرتفع مستوى المخاطرة لديه ليتماشى مع وضعه الجديد.

إجراءات تعزيز العناية الواجبة التقليدية (EDD)

تتطلب العناية الواجبة المعززة ما يلي:

1. جمع المعلومات الإضافية:

• معلومات تفصيلية عن العميل: يُطلب من العملاء ذوي المخاطر العالية تقديم معلومات أكثر تفصيلاً، بما في ذلك مصدر الأموال والثروة، والغرض من المعاملات، والنشاط المتوقع للحساب.
• الملكية المستفيدة: تحديد المالكين المستفيدين الذين يملكون أو يتحكمون في العميل أو المنشأة.
  

2. تعزيز التحقق والتدقيق:

• التحقق من المصادر: يتم تطبيق عمليات تحقق أكثر صرامة للتأكد من شرعية أموال العميل وأنشطته التجارية. قد يتضمن ذلك تحقيقات تجريها جهات خارجية أو استخدام قواعد بيانات متخصصة.
• زيادة المراقبة: يتم إجراء مراقبة أكثر تواتراً وتفصيلاً للمعاملات، بما في ذلك المراقبة في الوقت الفعلي والتنبيهات للأنشطة غير العادية.
  

3. إدارة المخاطر والتخفيف منها:

• تقييم المخاطر المعزز: يخضع العملاء ذوو المخاطر العالية لتقييمات أكثر شمولاً للمخاطر، ويتضمن ذلك تحليلًا أعمق لسلوكهم المالي وعلاقاتهم التجارية وارتباطاتهم المحتملة بالأنشطة الإجرامية.
• التدابير الخاصة: قد تفرض المؤسسات تدابير إضافية مثل وضع حدود للمعاملات، أو طلب موافقة الإدارة العليا على معاملات معينة، أو إجراء عمليات تدقيق منتظمة لحساب العميل.
  

4. إعداد التقارير وحفظ السجلات:

• تقارير الأنشطة المشبوهة (SARs): في حالة اكتشاف نشاط مشبوه، يتم إبلاغ السلطات المختصة بذلك من خلال تقارير SAR.
• السجلات التفصيلية: يتم الاحتفاظ بسجلات شاملة لجميع إجراءات ونتائج العناية الواجبة المعززة لأغراض المراجعة التنظيمية والتدقيق.

الاختلافات الرئيسية بين العناية الواجبة للعملاء (CDD) والعناية الواجبة المعززة (EDD)

1. عمق المعلومات: يتطلب إجراء العناية الواجبة المعززة (EDD) جمع معلومات وتحقق أكثر تفصيلاً من تلك المطلوبة في العناية الواجبة للعملاء (CDD).

2. تكرار المراقبة: تتضمن العناية الواجبة المعززة (EDD) مراقبة أكثر تواتراً وتفصيلاً للمعاملات مقارنة بالعناية الواجبة للعملاء (CDD).

3. الاستجابة للمخاطر: يتضمن إجراء العناية الواجبة المعززة (EDD) تطبيق تدابير أكثر صرامة للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالعملاء ذوي المخاطر العالية.

4. التدقيق التنظيمي: تخضع العناية الواجبة المعززة (EDD) لتدقيق تنظيمي أعلى، وغالباً ما تتطلب من المؤسسات إثبات امتثالها لمعايير أكثر صرامة.

التحديات في إجراءات العناية الواجبة التقليدية

• استهلاك الوقت: قد يستغرق جمع وتحليل البيانات يدويًا أسابيع أو حتى شهوراً.
• كثافة العمالة: تتطلب هذه العمليات موارد بشرية كبيرة، وغالبًا ما تشمل فرقًا كبيرة من المحللين والاستشاريين.‍
• عرضة للخطأ البشري: العمليات اليدوية معرضة للأخطاء والسهو، مما يمكن أن يؤدي إلى استنتاجات غير دقيقة.

إجراءات العناية الواجبة باستخدام الذكاء الاصطناعي

دعونا نستكشف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المستخدمة في عمليات العناية الواجبة:

1. التعلم الآلي

الخوارزميات التي تتعلم من البيانات لتقديم تنبؤات أو اتخاذ قرارات دون برمجة صريحة.

2. معالجة اللغات الطبيعية (NLP)

تمكين الذكاء الاصطناعي من فهم اللغة البشرية وتفسيرها وتوليدها، مما يسهل تحليل الوثائق والتقارير.

3. التحليلات التنبؤية

استخدام الخوارزميات الإحصائية وتقنيات التعلم الآلي لتحديد احتمالية النتائج المستقبلية بناءً على البيانات التاريخية.

4. أتمتة العمليات الروبوتية (RPA)

أتمتة المهام المتكررة والقائمة على القواعد، مما يزيد من الكفاءة ويقلل من الأخطاء البشرية.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إجراءات العناية الواجبة

كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في أتمتة عمليات العناية الواجبة في الحياة الواقعية؟ 

1. جمع البيانات ومعالجتها

يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على جمع وإدارة كميات كبيرة من البيانات تلقائيًا من مصادر متعددة مثل المستندات القانونية وأبحاث السوق.

2. تقييم المخاطر

يمكن للتعلم الآلي، وهو أحد فروع الذكاء الاصطناعي، أن يتعلم من البيانات السابقة لاكتشاف الأنماط والانحرافات عنها، حيث تُعتبر هذه الانحرافات مؤشرات على مخاطر محتملة قد تشكل تحديات مستقبلية للمؤسسة.

3. الكشف عن الاحتيال

تطبيق آخر للذكاء الاصطناعي هو تحديد العلامات التحذيرية التي قد تشير إلى وجود أو احتمال حدوث احتيال.

4. مراقبة الامتثال

الامتثال هو أحد الأولويات الأساسية للمؤسسات المالية، ويمكّنها الذكاء الاصطناعي من متابعة القواعد واللوائح المختلفة والالتزام بها.

فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في إجراءات العناية الواجبة

تتيح العناية الواجبة باستخدام الذكاء الاصطناعي للعاملين في مجال مكافحة غسل الأموال وتحقيقات الاحتيال الاستفادة من العديد من المزايا، حيث تساعدهم في إدارة المهام الصعبة والتغلب على نقاط الضعف التي يواجهونها يوميًا.

1. الكفاءة والسرعة: ما يستغرق شهورًا باستخدام عمليات العناية الواجبة التقليدية يمكن إنجازه في أيام أو حتى ساعات باستخدام العناية الواجبة بالذكاء الاصطناعي. فعندما تتم أتمتة العناية الواجبة، يتم جمع البيانات ومعالجتها وتحليلها بسرعة أكبر.
2. دقة أعلى: يلعب التعلم الآلي دورًا كبيرًا في عمليات العناية الواجبة بالذكاء الاصطناعي، إذ يمكنه العثور على الأنماط والحالات الشاذة التي قد يفوتها البشر، مما يقلل من الأخطاء ويعطي نتائج أكثر دقة.
3. تحليل شامل للبيانات: يستطيع الذكاء الاصطناعي إدارة وتحليل كميات كبيرة من البيانات من مصادر متنوعة، مما يوفر صورة أكثر شمولية عن العميل أو الشركة المستهدفة.
4. تقليل التكاليف: تقلل العناية الواجبة الآلية من الحاجة إلى العديد من الأشخاص، مما يخفض التكاليف، وهذا يؤدي إلى تقليل تكلفة الطرق اليدوية التقليدية.
5. المراقبة المستمرة والتحديثات في الوقت الفعلي: يتيح الذكاء الاصطناعي المراقبة المستمرة للبيانات المهمة، مما يوفر تحديثات ورؤى فورية، ويساعد هذا التحليل المستمر صناع القرار على البقاء على اطلاع، والتصرف بسرعة، وإدارة المخاطر، واغتنام الفرص فور ظهورها.

تقلّل شركة أصيل وقت تأهيل العملاء بأكثر من 87%

واجهت أصيل، المنصة الرائدة للاستثمار الجماعي في القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية، تحديات في عمليات الإعداد اليدوي للعملاء وتقييم المخاطر، مما أثر على نمو الشركة وامتثالها للقوانين.

لتجاوز هذه العقبات، بدأت أصيل باستخدام منصة فوكال المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تبسط عمليات الإعداد والامتثال، وكانت النتائج مبهرة:

1. باستخدام منصة فوكال، استطاعت أصيل تقليل وقت الإعداد بنسبة 87%، حيث تستغرق كل عملية إعداد 40 ثانية فقط في المتوسط.
2. أدت عملية الإعداد السريعة هذه إلى تحسين تجربة العملاء وتسريع النمو بنسبة 250%.
3. عززت تقنيات الذكاء الاصطناعي من فوكال تقييمات المخاطر وقدمت رؤى في الوقت الفعلي حول الكيانات المشبوهة، مما أدى إلى تحسين ممارسات الامتثال والكفاءة التشغيلية.

وأشاد علي الشمراني، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة أصيل، بمساهمة فوكال، مسلطًا الضوء على دورها في تعزيز الكفاءة وتمكين النمو، كما أشار إلى دور فوكال في استمرارية شركة أصيل في استقطاب عملاء جدد وتوسيع تواجدها في السوق بسلاسة.

كلمة أخيرة

يجعل استخدام الذكاء الاصطناعي في إجراءات العناية الواجبة العمليات أسرع وأكثر دقة وكفاءة، مما يتيح للشركات التعمق في التفاصيل وتوفير المال واتخاذ قرارات أكثر ذكاءً. ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، سيزداد تأثيرها على العناية الواجبة، حيث تقدم فوائد تتجاوز مجرد أتمتة المهام وتحليل البيانات وتقليل المخاطر.

يمثل مواكبة التطور التكنولوجي والالتزام بالقوانين تحديًا، ولكن منصة فوكال توفر الدعم والموارد اللازمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في العناية الواجبة بشكل فعال، حيث تتيح لك تنفيذ حلول وأدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين عملية العناية الواجبة بشكل شامل.